لايذكر تاريخ المسرح المغربي الا و يذكر اسم الطيب الصديقي ...باعتباره مؤلفا و مخرجا مسرحيا مجددا و مؤصلا للفرجة المسرحية العربية ..لانه استطاع ان يكتب تاريخ معرفته المسرحية و ثقافته العالمية في نتاجه المسرحي ....الطيب الصديقي يشكل حالة فنية خاصة في المغرب ..بعدما قدم اعمالا مسرحية كبيرة امتد صداها الى انحاء العالم العربي .. و قد وفق هذا المبدع في اعادة اعمال ادبية تراثية للوجود مانحا اياها الحياة و افقا جديدا يزخر بالبعد الحضاري و الانساني ..من اعمله مقامات بديع الزمان الهمذاني ..ابو حيان التوحيدي ..رسالة الغفران ..ديوان عبد الرحمن المجذوب .. امل من المسر ح العالمي ..فقد قدم عدة مسرحيات لكبار كتاب المسرح مثل موليير و اوجين يونسكو ...تفاصيل اوفى عن مشواره في هذا الحوار المميز رصيد الفنان الكبير الطيب الصديقى مليء بالأعمال المسرحية التي نهلت من التراث المغربي، العربي وأيضا العالمي، فقد قام لسنوات عديدة من بإخراج وتأليف مجموعة من المسرحيات، ولعب أدوارا متنوعة... أما البداية فقد كانت بمحض الصدفة. مسار الطيب الصديقي يوم الجمعة 18 يوليوز ابتداء من 11 ليلا
ولد الطيب الصديقي بمدينة الصويرة سنة 1938، ثم انتقل إلى مدينة الدار البيضاء حيث أمضى طفولته، وتركها عندما كان عمره 17 سنة، ليرحل بعدها إلى فرنسا لدراسة الهندسة المعمارية، لكنه سرعان ما سينجذب إلى العمل المسرحي، حيث ستقوده الصدف ليصبح أحد رواد المسرح المغربي والعربي.
كانت ورشات الفن المسرحي، التي كان الطيب الصديقي يشتغل فيها، تتكون من مجموعتين، الأولى تتكلم اللغة العربية، والثانية تتكلم الفرنسية، وكان الصديقي من بين أولئك الذين يتقنون هاتين اللغتين، وهو ما جعله يلعب دور الوسيط بين المجموعتين، حيث كان يقوم بالترجمة إلى جانب اهتمامه بكل ما له علاقة بالديكور.استمر في القيام بهذا العمل، إلى أن تغيب أحد الممثلين بسبب المرض، فحل الصديقي محله، وهكذا كانت البداية...
بدأ الطيب الصديقي في "النبش" في التراث المغربي والعربي، وأعاد الحياة لمجموعة من الأعمال على رأسها "مقامات بديع الزمان الهمداني"، "رسالة الغفران" لأبي العلاء المعري و "ديوان عبد الرحمان المجدوب"، إضافة إلى مسرحيات استلهم مواضيعها من الحياة اليومية، وأعاد تركيبها في قالب فني يمزج بين الدلالات والرموز، أما المسرح العالمي، فقد قدم الصديقي أعمالا لكبار كتاب المسرح، كأوجين يونيسكو على سبيل المثال، الذي قدم له مسرحية "الكراسي".
أسس الطيب الصديقي بتعاون مع الاتحاد المغربي للشغل مسرح العمال، وفي أواسط الخمسينيات أنشأ فرقة الصديقي، وأصبح سنوات بعد ذلك المدير التقني لمسرح محمد الخامس، ثم أسس الصديقي "مسرح اليوم"، وبعد ذلك "مسرح موكادور، وكان له الفضل في تقديم مجموعتي "جيل جيلالة" و"ناس الغيوان"، وهما المجموعتان اللتان بقيتا راسختين في ذاكرة المغاربة إلى حد الآن.
تجربة حياة
قام باول دور مسرحي”جحا“ للفرقة الاولى المحترفة التي تسمى”المسرح المركزي المغربي للابحاث المسرحية التابعة للشبيبة والرياضة“ ثم اشتغل في مسرح تجريبي صغير يسمى”مسرح البراكة “ الذي انبثقت منه فيما بعد”فرقة المسرح المغربي “ ثم اشترك بمسرحيتين هما:”عمايل جحا “ المقتبسة عن”حيل سكابان “لمولير، ومسرحية”الشطارة “ ” وصف النقد الفرنسي والانجليزي الطيب الصديقي باحسن ممثل اجنبي خاصة حين شوهد في مسرحية باريسية“ فامتاز آنذاك وظهر نبوغه في هذا المجال والتقى اعلاما مسرحية تقدمية مهمة ساعدته على المضي اكثر في هذا الصدد مثل هوبيرجينيو ومن بعد جان فيلار.
فرقة العمال
اخذ النضوج يدب في جسد وافكار الطيب الصديقي وهذا كان داعياً ايجابياً لحسن التزامه المهني او الوطني وكان مقلداً في هذه القفزة استاذه جان فيلار حيث شكل”فرقة العمال“ قرب ميناء الدار البيضاء وقد قدم عدداً من اعماله الى العمال مباشرة وبعد كل عرض صار يناقشهم ويتداول معهم افكار ومضامين العمل المسرحي عرض في هذه الفترة:
1 ـ مسرحية الوارث. عن قصة الوارث العالمي لرينيار.
2 ـ المفتش. عن ريفزور لكوكول.
3 ـ بين يوم وليلة لتوفيق الحكيم.
4 ـ الجنس اللطيف. وهي اقتباس عن مسرحية”برلمان النساء “ لارستوفان .
العمل في مجال المسرح العمالي اكسب الطيب الصديقي شهرة ومكانة وقد ساعد الشريحة العمالية كثيرا على التثقف او الانضمام الى”الاتحاد المغربي للشغل“ كل ذلك لمواجهة تهديدات عظيمة بالظلم والمشاكل الاجتماعية او شظف العيش. ان اطاريحه في النشاط الملتزم ازاء المسرح العمالي تتلخص في النقاط التالية:
اولاً: وسيلة للتعبير عن احوال المعيشة ومشاكل العامل ومطامحه.
ثانياً: وسيلة للتوجيه نحو العمل.
ثالثاً: وسيلة معرفة هذا العالم لنفسه.
رابعاً: وسيلة كذلك لاحياء الذكريات: كعيد الشغل وعيد الاستقلال، وعيد الجماعات وايام العمل الخالدة“.
الطيب الصديقي المغربي
لقد انصرمت الفترة السابقة من نشاطه ولم يزل هو يقلد ويقتبس الاعمال غير المغربية لكن نضوجه الاكبر والتزامه الحقيقي تجلى حين التفت الى خصوصية وتفاصيل المجتمع والتراث المغربي ليوظف ذلك في اعماله فكراً ونشاطاً. ومن هنا تشبث باحبال المسرح المغربي القديم مثل الحلقة والبساط وغيرها وقد تجسدت تلك المرحلة من عمره الفني باعماله المتميزة مثل”سيدي عبدالرحمن المجذوب، ومقامات بديع الزمان الهمذاني “. هنا اخذت اعماله اللاحقة تتمغرب شكلاً ومضمونا بما يوافر عليه وعلى جمهوره لون وطابع المحلية الهادفة.
ومن هنا اخذ اقتران الطيب الصديقي بعمله المسرحي” مقامات بديع الزمان الهمذاني “ وهي تجربة يريد منها تأصيل المسرح العربي. ان نصيحة استاذه جان فيلار هي محور اشتغالات الطيب عند عودته الى وطنه،” عند عودتك الى بلادك يجب ان تنسى كل ما رأيته هنا ”باريس“ ولا تعيد سوى التقنية“. وقد تميزت وجهات نظره بـ:
اولاً: شمولية الاداء في الفن المسرحي اي تضمين كل محتويات وعناصر العمل المسرحي.
ثانياً: تضمين كل ماهو شعبي وبالتفصيل.
قام الطيب الصديقي ازاء منظوره الشعبي اعلاه برحلات يقصد منها توسعة معرفته ومشاهدته الحية للقرى والمدن الشعبية ليسجل طقوسها واشكالها، اغانيها وقصصها واساطيرها من اشعار وموسيقى ونكت وتعابير هذا الاطلاع على موروث بلاده استوحى منه دوماً صوراً فنية وثيمات ممزوجة بعرق الناس كان قد عزز به اعماله المسرحية خاصة في”سيدي عبدالرحمن المجذوب، ومقامات بديع الزمان الهمداني “ومن هنا اعتمد الطيب في اسلوبية منه على:
اولاً:”الايحاء غير المباشر بدلاً من الرمز الواضح“.
ثانياً: اعتماده الحادثة وليس الحدث.
ثالثاً: تطويره للتراث القديم وبعثه حيا“.
رابعا: تضمينه لكل ماهو شعبي.
ان رحلة الطيب الصديقي في مجمل عروضه يمكن ترسيم تتابعاتها على النحو التالي بعدما انتقلنا به من مرحلة التمهيد الاولى له فنياً الى مرحلة الاحتراف.
اولاً: الحسناء، عن اسطورة ليدي كوديفا لجان كانو.
ثانياً: الوارث، اقتبسها مع احمد الطيب العلج.
ثالثاً: مولات الفندق عن كارلو جولدوني.
رابعاً: محبوبة عن مدرسة النساء لمولير.
خامساً: في انتظار مبروك عن صموئيل بيكت” في انتظار كودو “.
سادساً: المصادفة.
سابعاً: حميد وحماد، لعبدالله شقرون.
ثامناً: موموبو فرصة، عن مسرحية” اميدي او كيف نتخلص منه ليونسكو “.
تاسعاً: سيدي ياسين في الطريق.
عاشراً:”مذكرات احمد “ او”النقشة “ لكوكول.
احد عشر: الاكباش يتمرنون، للطيب العلج .
اثنا عشر: الحراز، لعبد السلام الشربيني.
ثلاثة عشر: الغفران عن رسالة الغفران للمعري.
ان رحلة الطيب الصديقي في المسرح المغربي طالما ارتبطت وتفاعلت مع الموروث العربي من جهة والموروث الشعبي من جهة ثانية وهي استمالة واضحة نحو التزامه الحقيقي بمشاكل مجتمعه او بالقضية التي اراد لها ان تعلن عبر توظيفاته المسرحية في الكثير من العروض التي قدمها داخل وخارج المغرب.
مسرح الشارع
ومن خلال احتكاكه المباشر بالتجريب المسرحى فى باريس ترسخت لديه فكرة "تكوين مسرح شعبي" يستمد وهجه من التراث المغربى القديم فى محاولة لخلق حالة من الاحتفالية التى تحتضن الفنون المتنوعة لهذا التراث، فكان اختياره لساحة "جامع الفنا" كمكان للعرض وهى ساحة عمومية توجد وسط مدينة مراكش خلالها تقدم فرق مختلفة بحيث تمثل كل حلقة فرجة تنتمى إلى إحدى القبائل المغربية ويبلغ عدد الحلقات فى اليوم الواحد أكثر من عشرين حلقة الأمر الذى يتيح تقديم أكثر من عشرين فرجة تقدم فى مسارح دائرية فى الهواء الطلق. وقد أطلق الصديقى على هذه التجربة "مسرح الشارع" وهذا ما نراه جليا فى تقديمه لمسرحية "الشامات السبع". وعن اختياره لساحة "جامع الفنا" يقول الصديقي: "جامع الفنا مسرح يتجاوز مع حاجيات جمهور شعبى تلقائى حي، هذا المسرح أو لنقل هذه المسارح ساهمت وتساهم فى خلق أو إعادة خلق مسرح وطني، فكل أبحاثنا من سنة 1965 مرتبطة بجامع الفنا منذ مسرحية "ديوان سيدى عبد الرحمن المجذوب" سنة 1965 إلى الملحمة التاريخية "نحن" التى اعددناها خلال صيف 1986، كل أبحاثنا حول النص أو فى موضوع لعب الممثلين أو بصدد الإخراج أو الديكور أو الملابس أو التوابع يزكيها جامع الفنا منبعها الأصلي، ونعتبر هذه العناصر أساسية لأى عملية إبداعية تريد أن ترتوى من جذور شعبية كمنطلق لكل تجربة تهدف إلى أن تجعل من المسرح وسيلة للقاء الناس.
ولماذ مسرح الشارع؟
"أولا نحن كممثلين عندما نقف فى حلقة ما ونستمع للراوى يحكى قصة رأس الغول أو قصة عنترة نتجاوب معه مع العلم أن هذه الحلقة ينشطها شخص بصوته فحسب ليس لديه آلات موسيقية وهذه الحلقة وسط حلقات أخرى كلها ضجيج وحيوية.
كيف يستطيع الراوى أن يشد الناس؟
يصغى ويستمع بهدوء وبصمت، أحيانا يكون صمت الراوى أطول من الوقت الذى يحكى فيه. هناك راو لديه عصا بها يستطيع أن يخلق 10 أو 15 ديكورا فهى تصبح أحيانا شجرة مظلة وتصبح كذلك أداة عبور بين ضفة وضفة لأن هناك نهرا فالغاية من مشاهدة ما يمارسه الغربيون الآن مثل "بيتربروك" هو الوصول إلى هذا التعبير البسيط الجميل المسرحى الخالص الذى لا يمت للتعابير الأخرى بصلة لأن قوة المسرح تكمن فى وجود إنسان على الخشبة.
حوار مع الطيب الصديقي بث على قناة العربية
أحمد علي الزين: يعلو المزاج كالسحاب هنا في المسافات التي تربط بين مدن المغرب، ويعلو أيضاً مزاج الكلام أمام تنوّع المشهد وتعدّده، فحين تطلّ على مدينة مطمئنة إلى عراقتها كـ "فاس" مثلاً لكأنك تفتح كتاباً في التاريخ خطّه رحالة شغوف بتقصّي أخبار البلاد وأحوال أهلها، وحين تلوح من بعيد طنجا عند التقاء المحيط بالمتوسط تشعر بسطوة الحنين، لكل مدينة مزاج وحكاية وصورة خاصة بها تكتمل بذاتها وتتكامل مع المدن المتباعدة، في الطريق إلى الدار البيضاء تتداخل الصور والأسئلة يبدو أن الأمر يتطلّب إقامة تطول كي تكتمل ملامح المشهد نسبياً، فهبوب الحمام في ساحة من ساحات الدار البيضاء ربما يذكر بحكاية الزاجل من بين بغداد وقرطبة في سالف العصور، أما الرحلة الآن ليست لغاية التاريخ فهي زيارة بيت مغربي قائم في ضاحية من ضواحي الدار البيضاء، وصاحب البيت كما يُروى مضيافٌ، يفتح غير الباب الذي يطرقه الزائر ليخلق منذ البداية شيئاً من الالتباس الممتع، ربما هذه حال المتهكمين حتى من أنفسهم أمام المرآة، يلبسون شخصيات وأقنعة بهدف إسعاد الآخرين ونقد أحوالهم في إعادة تأليف حياتهم وتشكيلها على منصة لغرض احتمالها أحياناً أو لدفعها إلى بعد أو امتداد آخر، ولغرض انتقادها أيضاً والتدليل على ما يسبب الشقاء فيها.[لقطة من إحدى مسرحياته]"الطيب الصديقي: الكلمة مفتاح الجنة، وقضاء الله هو الكلمات، الكلمة نور وبعض الكلمات قبور، الكلمة لو تُعرف حرمة، بعض الكلمات قلاع شامخة يعتصم بها النبل البشري، ليس ما كان سوى كلمة أضاءت دنياه بالكلمات وعلّمها للصيادين فسيرويها دون العالم، الكلمة حصن الحرية، الكلمة زلزلة الظلام، الكلمة شرف، شرف الرجل هو الكلمة، وشرف الله هو الكلمة".
فرقة مسرح عربية تمثل التمزق العربي
الطيب الصديقي: هو في الحقيقة من تقريباً عشرين سنة قمت بالتجربة مع الأخت نضال الأشقر - وأحييك يا نضال إذا كنت بتشوفي البرنامج - مع نضال الأشقر يعني كمجانين، يعني اخترنا أن نؤسس فرقة أسميناها "الممثلون العرب" فطلبنا من بعض الممثلين من دول عربية تقريباً كلها، يعني كانت فكرة من أجمل الأفكار ولكن كيف يمكن أن نطبق هذه الفكرة على عالم عربي ممزق؟ اتضح أن هذه الفرقة عالم صغير يمثل هذا العالم الكبير الشاسع اللي هو العالم العربي، فالمشكلة عندنا اللي كان المشكل أن السوريين مستحيل يمثلوا في العراق، والعكس بالعكس صعب العراقيين يمثلوا في سوريا، فطبعاً اتضح لنا أننا نعاني داخل الفرقة ما يعانيه العالم العربي، والحمد لله كيف ما كان الأمر ولو أن التجربة ما دامت إلا سنة ولكن أعطت الكثير، وآخر عرض عملناه في الألبيرتون وهو أكبر مسرح في أوروبا في لندن وكان لفائدة اليتامى الأطفال وقتها ضحية الحرب في لبنان.أحمد علي الزين: خلال عملك على هذا المشروع تحديداً واجهت مشكلة مع بعض الممثلين العراقيين نتيجة عدم تمكنهم من مزاولة التمارين معك بشكل دائم لأنه بدهن إذن من القيادة لو تروي لنا أول شي الحادثة.الطيب الصديقي: كان العراقيون..أحمد علي الزين: ويوميتها التقيت بصدام حسين..الطيب الصديقي: أيوة هذا كنا بالعراق مثّلنا أكثر من خمسين عرضاً خصوصاً في الموصل، لما كنا في العراق عدي ابن صدام حسين أخذني على أبوه، قلت له: يا سيدي الرئيس الله يخليك هذا الأستاذ قاسم محمد ممثل عراقي ومخرج الآن بالإمارات [يلوح بيده مسلماً عليه إن كان يرى البرنامج] وكذلك سامي قفطان الممثل الكبير المعروف المشهور العزيز سامي قفطان وقاسم محمد يعني لما نحتاجهم يوصلوا علينا لتونس ولاّ لندن ولاّ للمغرب يعني صعب جداً يجب أن يوقّع كما قلت لك صدام حسين، لكن كانت الحرب مع إيران فالرئيس أربعة أيام بالأسبوع دائماً بالفاو، الفاو منطقة..أحمد علي الزين: على الحدود.الطيب الصديقي: على حدود إيران بلاد فارس والعراق، فننتظر أن يوقع لنا الرئيس، فقلت له: يا سيدي الرئيس الله يخليك عندي ليك طلب، قال لي: أي طلب؟ قلت له: الله يخليك هذول ممثلين عراقيين يلزمهم دائماً تصريح أعطيهم رخصة ستة شهور سنة، قال لي: ممنوع، قلت له: كيف ممنوع؟ قال لي: عندنا قانون، شو هو القانون سيدي الرئيس؟ قال لي: القانون يقول ممنوع تصدير الأدمغة للخارج!!أحمد علي الزين: [يضحك]الطيب الصديقي: قلت له: سيدي الرئيس أكبر دليل على أن هؤلاء الناس هؤلاء الممثلين العراقيين وحتى الممثلين العرب كلهم لا يتوفّرون على دماغ, قلت له: أكبر دليل لا يتوفر على دماغ، من اختار المسرح هل عنده دماغ هذا؟ فضحك, قلت له: أنا كمان أنا كذلك..أحمد علي الزين: لو كان عندي..الطيب الصديقي: لو كان عندي دماغ قلت له: أنا أعمل مسرح؟ عيب.أحمد علي الزين [ضحك]: نعم, نعم على كل حال هوّ ما صدّر الأدمغة للخارج هو هجّرها!! الطيب الصديقي: يمكن, هجّرها لإنقاذها.[لقطة من مسرحية للطيب الصديقي]امرأة منقبة: كيف تستأذن علي وقد قتلت ولدي وهو في حرمة مكة المكرمة؟الحجاج بن يوسف الثقفي: لقد قتلته كافراً ملحداً.المرأة: كذبت يا عدو الله وعدو المسلمين، والله قد قتلت صوّاماً قوّاماً باراً بوالديه حافظاً لهذا الدين، ولأن أفسدت عليه دنياه لقد أفسد عليك آخرتك.الحجاج بن يوسف الثقفي [صارخاً]: لما أخطأ آدم أخرجه الله من الجنة، وآدم أكرم من ابنك والجنة.. الجنة أعظم حرمة من مكة.الخلفية الصوتية: اللهم ظلمت نفسي فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت.[فاصل إعلاني][لقطة من مسرحية للطيب الصديقي]الحجاج بن يوسف الثقفي: أنت أعرف الناس، كيف ترى قبتي هذه؟غضبان: أصلح الله الأمير.الحجاج بن يوسف الثقفي: وبناءها؟غضبان: أصلح الله الحجاج بن يوسف الثقفي، بنيتها في غير بلدك، لا لك ولا لولدك، لا تدوم لك ولا يسكنها ولدك.الحجاج بن يوسف الثقفي: صدقت.غضبان: لا تبقى لك وما أنت لها بباقٍ.الحجاج بن يوسف الثقفي: صدقت يا غضبان صدقت، أرجعوه إلى الحبس. غضبان: سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين.الحجاج بن يوسف الثقفي: أنزلوه.غضبان: رب أنزلني منزلاً مباركاً وأنت خير المنزلين.الحجاج بن يوسف الثقفي: جرّوه.غضبان: بسم الله مجراها ومرساها.الحجاج بن يوسف الثقفي: كبّوه على الأرض.غضبان: منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة أخرى.
الحجاج بن يوسف الثقفي: اتركوه.. اتركوه..غضبان: هذا هو الحجاج بن يوسف الثقفي الذي يحكم العراق. الحجاج بن يوسف الثقفي: أمّا أنت يا غضبان لقد عفونا عنك، والله لقد هممت أن أقطع لسانك وألصقه على ظهرك..غضبان: يا حجاج إن كذّبناك أغضبناك، وإن صدّقناك أغضبنا الله.الحجاج بن يوسف الثقفي: عليك لعائن الله..غضبان: فغضب الأمير أهون علينا من غضب الله.الحجاج بن يوسف الثقفي[ساخراً]: عليك لعائن الله والتهلكة.. أحمد علي الزين: غزير مشهده ومصادره متنوّعة، كسول هكذا يسمي نفسه, ولكن هذا الكسول يبدو من أكثر المبدعين تنظيماً وانهماكاً بمهنته وشغوفاً بها, ليس من وقت لديه سوى للعمل, للبحث عن مصادر لمشهده وحكاياته, ترجم واقتبس عشرات الأعمال وألف العديد الآخر للمسرح وللتلفزيون وللسينما, مشحون برغبة الكشف عن جديد ليتواصل من خلاله مع جمهوره وبالتالي مع ذاته, يراكم التجارب والمشهد تلو الآخر, ويوثق لذلك لكأنه يرسم خطاً بيانياً لمسار حياته وتجربته ليصبح الزائر لبيته في موقع الزائر لما يشبه المتحف المتعدد الأجنحة, وزواره كُثُرٌ وغايتهم أرشيف الصديقي ذاكرة الصديقي الموثقة والشفوية وبالطبع حوارٌ بشؤون الحياة والثقافة والسياسة, وله في هذا الفضاء زاويته الخاصة وكرسيه وسيجاره، يتابع أحوال العالم على الشاشة ويتابع شعاب نص جديد، وعلى الطاولة أيضاً ما ينتظر المعالجة للأرشيف للكتابة للتأليف أفكار وأوراق وبجواره على الكنبة ابنته تضفي عليه نعمة الحياة وعباءة الأبوة, تشاغب بعمرها ويشاغب بنصه وبمشهده.
معمار المسرح أدى إلى التمثيل
الطيب الصديقي أنت متحدّر يعني من عائلة فقه ودين، الوالد أبو محمد سعيد الصديقي كان مفتي الديار الإسلامية وقاضي ومؤرخ, يعني كيف خرجت من تلك العباءة إلى المسرح؟الطيب الصديقي: والله بالصدفة, أنا كانت نيتي أن أكون مهندساً معمارياً وكنت بقسم البكالوريوس ما زال ما عنديش 16 سنة, فأيام الفرنسيين سنة قبل استقلال المغرب عملوا لنا Test يعني نوع من امتحان بس يشوفوا المؤهلات فوجدوا عندي أنا مؤهلات إني كون أشتغل بالبريد.أحمد علي الزين: بالبريد؟الطيب الصديقي: بالبريد, لما قلت لأبي: بريد؟ قال: لعنة الله عليهم, أعطاني سنة إجازة، قال لي: كيف ولدي أنا يكون ساعي البريد؟ بالآخر اتضح لي أنه يقال في المسرح أنك حامل الرسالة, فكيفما كان الأمر دخلت المسرح لأحمل رسالة كساعي البريد المهم قال لي: عندك إجازة سنة, أنا طلّعت في الجرائد وشفت بأنه فيه نوع من تدريب على الفنون الدرامية من خلال المواد التي كانت تُدرَس المعمار في المسرح، قلت أنا: بما أنني سأكون إن شاء الله مهندساً معمارياً نبتدئ بالمعمار في المسرح، فطلعت يعني بالصدفة فدخلت للتدريب مدة ستة أشهر اشتغلت هكذا على الديكور وأشياء من هالقبيل يعني كله بالصدفة.أحمد علي الزين: طيب، الطيّب الصديقي يعني هذا الخيار للمسرح يعني هل كنت تراهن من خلال هذا الخيار عبر المسرح على يعني تطوير حالة اجتماعية، تطوير الوعي الجماعي عند الناس يعني كان عندك هاجس سياسي معيّن اخترت..؟الطيب الصديقي: نعم، طبعاً كأي واحد أنا ابتديت المسرح كان عندي 16 سنة, فطبعاً في البداية في البداية كنت أولاً تلميذ جون فيلار في المسرح القومي الوطني الفرنسي "لتينبي", فأيام جيرار فيليب وأيام فيليب نواريه هذي كلهم أيام جان مورو هذول كلهم ممثلين معروفين عالميين عند جون فيلار، فقلت لك يا سيدي الكريم هذا جون فيلار أول من فتح المسرح للجمهور الطويل العريض المسرح الشعبي وهو يسمى مسرح شعبي، فهذه الفكرة خامرتني لما رجعت المغرب أسست داخل النقابة لأن أخي - الله يرحمه - الشاعر محمد سعيد الصديقي كان من مؤسسي هذه النقابة الاتحاد المغربي للشغل، فأسسنا المسرح العمالي, وكنا نعتقد بأن المسرح يجب أن يكون شعبياً ويجب أن يخاطب الناس ويجب أن..أحمد علي الزين: تحريضي..
الطيب الصديقي: إي في طبعاً ويجب أن يكون يعني فيه بعض الشعارات وأشياء من هالقبيل، شوية شوية ولو أنني كنت صغير السن بعد سنة أو سنتين فهمت بأنّي كنت بيد أناس يريدون أن يتلاعبوا بي، أن يسخروني، أن أقول أشياء على المسرح لا يستطيعون هم أن يقولوها لا في كتابة ولا في يعني مباشرة..أحمد علي الزين: يعني ناس أرادوا أن يستغلوا الطيب الصديقي لغايات أيديولوجية سياسية؟الطيب الصديقي: يسخروه.. يسخروه..أحمد علي الزين: اكتشفت هذا الشيء؟الطيب الصديقي: اكتشفته طبعاً.أحمد علي الزين: من هم هؤلاء الناس؟الطيب الصديقي: بعطيك الأسماء؟أحمد علي الزين: إذا بتحب.الطيب الصديقي: خليهم همّ عارفين أنفسهم.أحمد علي الزين: عارفين أنفسهم, الطيب الصديقي يعني طالما تقول أنت تردد القضية الفلسطينية هي قضية مقدسة تعيش في وجدانك..الطيب الصديقي: طبعاً.
شمعون بيريز في بيت الصديقي
أحمد علي الزين: ولكن هناك مفارقة حدثت معك بحياتك إنك استضفت في هذا البيت بيريز..الطيب الصديقي: شمعون بيريز.. أحمد علي الزين: شمعون بيريز شو كان الدافع؟ يعني شو الغاية من تلك الزيارة آنذاك؟ شو الدافع من هذا اللقاء اللي حدث؟الطيب الصديقي: هو يعني بحكم أن الفلسطينيين أنفسهم بيحاوروا الإسرائيليين يعني ليش أنا ما حاورش إسرائيلي؟ أنا لست متشدداً، أنا أعرف بأن الصهيوني عدو، أعرف بأن الإسرائيليين محتلين فلسطين، ولكن لا يمكن أن أساعد إذا ما حاورت الناس لدرجة أنني تعلمت العبري ليش ما نتعلمش العبري؟ فاهم يا سيدي، ثم أنا اكتشفت عرب 48، مسرح الكرمة المدير قاسم شعبان.. قاسم شعبان فاهم يا سيدي؟ فاشتغلت معهم إجو المغرب كانوا يجوا المغرب اشتغلت معهم أربع مسرحيات ونعمل لهم مسرح.. مسرحيات، إجا لي واحد مصري قال: يا سيد طيب كلنا نحترمك يعني ما بقاش احترام لكن التطبيع مع إسرائيل, قلت له: أولاً ما فيش تطبيع, أنا شخصياً لم أقم بإخراج في إسرائيل, لم أمثل في إسرائيل, لم.. ولا محاضرة في إسرائيل, قلت له: أنا أتعامل مع عرب 48 إجوا المغرب أعمل لهم إخراج ويروحون بلادهم، فهمت يا سيدي؟ ولا يمكن أن أتخلى عن هؤلاء الناس، إسرائيل تعتبر هؤلاء الناس من الدرجة الثانية، يتألمون ويعانون ما يعانون، كيف لا أكون أنا..؟ أحمد علي الزين: متعاطف مع..
مصر تصنع حصاراً على الثقافة العربية
الطيب الصديقي: معلوم متعاطف معهم؟ فقلت له: يا سيدي - هذا المصري - قلت له: الله يخليك أنا أطلب أولاً وقبل كل شيء التطبيع مع مصر، قلت له: إنتو في مصر في التلفزيون عمركم ما عملتوا فيلم مغاربي ولا مسرحية ولا شيء من هذا القبيل, أقولها للمصريين وللتلفزيون والمسؤولين عن التلفزيون في مصر: الحصار ضد الثقافة العربية هي مصر, وأتحمل مسؤولية ما أقوله، تفضل يا سيدي الكريم.أحمد علي الزين: هيدي الزيارة انتهت؟ الزيارة اليتيمة كانت ما كان فيها غاية معينة آنذاك زيارة بيريز لبيتك؟الطيب الصديقي: لا هوّ لما جاء جاء بدعوة من الحسن الثاني، فطلب أن يجي عندي بالبيت بما أننا تعرفنا في القدس جاء لي للبيت والسلام كأي ناس، ولكن لما دخل حكومة شارون قطعت العلاقات معه.أحمد علي الزين: نعم.الطيب الصديقي: طبعاً.
ولد الطيب الصديقي بمدينة الصويرة سنة 1938، ثم انتقل إلى مدينة الدار البيضاء حيث أمضى طفولته، وتركها عندما كان عمره 17 سنة، ليرحل بعدها إلى فرنسا لدراسة الهندسة المعمارية، لكنه سرعان ما سينجذب إلى العمل المسرحي، حيث ستقوده الصدف ليصبح أحد رواد المسرح المغربي والعربي.
كانت ورشات الفن المسرحي، التي كان الطيب الصديقي يشتغل فيها، تتكون من مجموعتين، الأولى تتكلم اللغة العربية، والثانية تتكلم الفرنسية، وكان الصديقي من بين أولئك الذين يتقنون هاتين اللغتين، وهو ما جعله يلعب دور الوسيط بين المجموعتين، حيث كان يقوم بالترجمة إلى جانب اهتمامه بكل ما له علاقة بالديكور.استمر في القيام بهذا العمل، إلى أن تغيب أحد الممثلين بسبب المرض، فحل الصديقي محله، وهكذا كانت البداية...
بدأ الطيب الصديقي في "النبش" في التراث المغربي والعربي، وأعاد الحياة لمجموعة من الأعمال على رأسها "مقامات بديع الزمان الهمداني"، "رسالة الغفران" لأبي العلاء المعري و "ديوان عبد الرحمان المجدوب"، إضافة إلى مسرحيات استلهم مواضيعها من الحياة اليومية، وأعاد تركيبها في قالب فني يمزج بين الدلالات والرموز، أما المسرح العالمي، فقد قدم الصديقي أعمالا لكبار كتاب المسرح، كأوجين يونيسكو على سبيل المثال، الذي قدم له مسرحية "الكراسي".
أسس الطيب الصديقي بتعاون مع الاتحاد المغربي للشغل مسرح العمال، وفي أواسط الخمسينيات أنشأ فرقة الصديقي، وأصبح سنوات بعد ذلك المدير التقني لمسرح محمد الخامس، ثم أسس الصديقي "مسرح اليوم"، وبعد ذلك "مسرح موكادور، وكان له الفضل في تقديم مجموعتي "جيل جيلالة" و"ناس الغيوان"، وهما المجموعتان اللتان بقيتا راسختين في ذاكرة المغاربة إلى حد الآن.
تجربة حياة
قام باول دور مسرحي”جحا“ للفرقة الاولى المحترفة التي تسمى”المسرح المركزي المغربي للابحاث المسرحية التابعة للشبيبة والرياضة“ ثم اشتغل في مسرح تجريبي صغير يسمى”مسرح البراكة “ الذي انبثقت منه فيما بعد”فرقة المسرح المغربي “ ثم اشترك بمسرحيتين هما:”عمايل جحا “ المقتبسة عن”حيل سكابان “لمولير، ومسرحية”الشطارة “ ” وصف النقد الفرنسي والانجليزي الطيب الصديقي باحسن ممثل اجنبي خاصة حين شوهد في مسرحية باريسية“ فامتاز آنذاك وظهر نبوغه في هذا المجال والتقى اعلاما مسرحية تقدمية مهمة ساعدته على المضي اكثر في هذا الصدد مثل هوبيرجينيو ومن بعد جان فيلار.
فرقة العمال
اخذ النضوج يدب في جسد وافكار الطيب الصديقي وهذا كان داعياً ايجابياً لحسن التزامه المهني او الوطني وكان مقلداً في هذه القفزة استاذه جان فيلار حيث شكل”فرقة العمال“ قرب ميناء الدار البيضاء وقد قدم عدداً من اعماله الى العمال مباشرة وبعد كل عرض صار يناقشهم ويتداول معهم افكار ومضامين العمل المسرحي عرض في هذه الفترة:
1 ـ مسرحية الوارث. عن قصة الوارث العالمي لرينيار.
2 ـ المفتش. عن ريفزور لكوكول.
3 ـ بين يوم وليلة لتوفيق الحكيم.
4 ـ الجنس اللطيف. وهي اقتباس عن مسرحية”برلمان النساء “ لارستوفان .
العمل في مجال المسرح العمالي اكسب الطيب الصديقي شهرة ومكانة وقد ساعد الشريحة العمالية كثيرا على التثقف او الانضمام الى”الاتحاد المغربي للشغل“ كل ذلك لمواجهة تهديدات عظيمة بالظلم والمشاكل الاجتماعية او شظف العيش. ان اطاريحه في النشاط الملتزم ازاء المسرح العمالي تتلخص في النقاط التالية:
اولاً: وسيلة للتعبير عن احوال المعيشة ومشاكل العامل ومطامحه.
ثانياً: وسيلة للتوجيه نحو العمل.
ثالثاً: وسيلة معرفة هذا العالم لنفسه.
رابعاً: وسيلة كذلك لاحياء الذكريات: كعيد الشغل وعيد الاستقلال، وعيد الجماعات وايام العمل الخالدة“.
الطيب الصديقي المغربي
لقد انصرمت الفترة السابقة من نشاطه ولم يزل هو يقلد ويقتبس الاعمال غير المغربية لكن نضوجه الاكبر والتزامه الحقيقي تجلى حين التفت الى خصوصية وتفاصيل المجتمع والتراث المغربي ليوظف ذلك في اعماله فكراً ونشاطاً. ومن هنا تشبث باحبال المسرح المغربي القديم مثل الحلقة والبساط وغيرها وقد تجسدت تلك المرحلة من عمره الفني باعماله المتميزة مثل”سيدي عبدالرحمن المجذوب، ومقامات بديع الزمان الهمذاني “. هنا اخذت اعماله اللاحقة تتمغرب شكلاً ومضمونا بما يوافر عليه وعلى جمهوره لون وطابع المحلية الهادفة.
ومن هنا اخذ اقتران الطيب الصديقي بعمله المسرحي” مقامات بديع الزمان الهمذاني “ وهي تجربة يريد منها تأصيل المسرح العربي. ان نصيحة استاذه جان فيلار هي محور اشتغالات الطيب عند عودته الى وطنه،” عند عودتك الى بلادك يجب ان تنسى كل ما رأيته هنا ”باريس“ ولا تعيد سوى التقنية“. وقد تميزت وجهات نظره بـ:
اولاً: شمولية الاداء في الفن المسرحي اي تضمين كل محتويات وعناصر العمل المسرحي.
ثانياً: تضمين كل ماهو شعبي وبالتفصيل.
قام الطيب الصديقي ازاء منظوره الشعبي اعلاه برحلات يقصد منها توسعة معرفته ومشاهدته الحية للقرى والمدن الشعبية ليسجل طقوسها واشكالها، اغانيها وقصصها واساطيرها من اشعار وموسيقى ونكت وتعابير هذا الاطلاع على موروث بلاده استوحى منه دوماً صوراً فنية وثيمات ممزوجة بعرق الناس كان قد عزز به اعماله المسرحية خاصة في”سيدي عبدالرحمن المجذوب، ومقامات بديع الزمان الهمداني “ومن هنا اعتمد الطيب في اسلوبية منه على:
اولاً:”الايحاء غير المباشر بدلاً من الرمز الواضح“.
ثانياً: اعتماده الحادثة وليس الحدث.
ثالثاً: تطويره للتراث القديم وبعثه حيا“.
رابعا: تضمينه لكل ماهو شعبي.
ان رحلة الطيب الصديقي في مجمل عروضه يمكن ترسيم تتابعاتها على النحو التالي بعدما انتقلنا به من مرحلة التمهيد الاولى له فنياً الى مرحلة الاحتراف.
اولاً: الحسناء، عن اسطورة ليدي كوديفا لجان كانو.
ثانياً: الوارث، اقتبسها مع احمد الطيب العلج.
ثالثاً: مولات الفندق عن كارلو جولدوني.
رابعاً: محبوبة عن مدرسة النساء لمولير.
خامساً: في انتظار مبروك عن صموئيل بيكت” في انتظار كودو “.
سادساً: المصادفة.
سابعاً: حميد وحماد، لعبدالله شقرون.
ثامناً: موموبو فرصة، عن مسرحية” اميدي او كيف نتخلص منه ليونسكو “.
تاسعاً: سيدي ياسين في الطريق.
عاشراً:”مذكرات احمد “ او”النقشة “ لكوكول.
احد عشر: الاكباش يتمرنون، للطيب العلج .
اثنا عشر: الحراز، لعبد السلام الشربيني.
ثلاثة عشر: الغفران عن رسالة الغفران للمعري.
ان رحلة الطيب الصديقي في المسرح المغربي طالما ارتبطت وتفاعلت مع الموروث العربي من جهة والموروث الشعبي من جهة ثانية وهي استمالة واضحة نحو التزامه الحقيقي بمشاكل مجتمعه او بالقضية التي اراد لها ان تعلن عبر توظيفاته المسرحية في الكثير من العروض التي قدمها داخل وخارج المغرب.
مسرح الشارع
ومن خلال احتكاكه المباشر بالتجريب المسرحى فى باريس ترسخت لديه فكرة "تكوين مسرح شعبي" يستمد وهجه من التراث المغربى القديم فى محاولة لخلق حالة من الاحتفالية التى تحتضن الفنون المتنوعة لهذا التراث، فكان اختياره لساحة "جامع الفنا" كمكان للعرض وهى ساحة عمومية توجد وسط مدينة مراكش خلالها تقدم فرق مختلفة بحيث تمثل كل حلقة فرجة تنتمى إلى إحدى القبائل المغربية ويبلغ عدد الحلقات فى اليوم الواحد أكثر من عشرين حلقة الأمر الذى يتيح تقديم أكثر من عشرين فرجة تقدم فى مسارح دائرية فى الهواء الطلق. وقد أطلق الصديقى على هذه التجربة "مسرح الشارع" وهذا ما نراه جليا فى تقديمه لمسرحية "الشامات السبع". وعن اختياره لساحة "جامع الفنا" يقول الصديقي: "جامع الفنا مسرح يتجاوز مع حاجيات جمهور شعبى تلقائى حي، هذا المسرح أو لنقل هذه المسارح ساهمت وتساهم فى خلق أو إعادة خلق مسرح وطني، فكل أبحاثنا من سنة 1965 مرتبطة بجامع الفنا منذ مسرحية "ديوان سيدى عبد الرحمن المجذوب" سنة 1965 إلى الملحمة التاريخية "نحن" التى اعددناها خلال صيف 1986، كل أبحاثنا حول النص أو فى موضوع لعب الممثلين أو بصدد الإخراج أو الديكور أو الملابس أو التوابع يزكيها جامع الفنا منبعها الأصلي، ونعتبر هذه العناصر أساسية لأى عملية إبداعية تريد أن ترتوى من جذور شعبية كمنطلق لكل تجربة تهدف إلى أن تجعل من المسرح وسيلة للقاء الناس.
ولماذ مسرح الشارع؟
"أولا نحن كممثلين عندما نقف فى حلقة ما ونستمع للراوى يحكى قصة رأس الغول أو قصة عنترة نتجاوب معه مع العلم أن هذه الحلقة ينشطها شخص بصوته فحسب ليس لديه آلات موسيقية وهذه الحلقة وسط حلقات أخرى كلها ضجيج وحيوية.
كيف يستطيع الراوى أن يشد الناس؟
يصغى ويستمع بهدوء وبصمت، أحيانا يكون صمت الراوى أطول من الوقت الذى يحكى فيه. هناك راو لديه عصا بها يستطيع أن يخلق 10 أو 15 ديكورا فهى تصبح أحيانا شجرة مظلة وتصبح كذلك أداة عبور بين ضفة وضفة لأن هناك نهرا فالغاية من مشاهدة ما يمارسه الغربيون الآن مثل "بيتربروك" هو الوصول إلى هذا التعبير البسيط الجميل المسرحى الخالص الذى لا يمت للتعابير الأخرى بصلة لأن قوة المسرح تكمن فى وجود إنسان على الخشبة.
حوار مع الطيب الصديقي بث على قناة العربية
أحمد علي الزين: يعلو المزاج كالسحاب هنا في المسافات التي تربط بين مدن المغرب، ويعلو أيضاً مزاج الكلام أمام تنوّع المشهد وتعدّده، فحين تطلّ على مدينة مطمئنة إلى عراقتها كـ "فاس" مثلاً لكأنك تفتح كتاباً في التاريخ خطّه رحالة شغوف بتقصّي أخبار البلاد وأحوال أهلها، وحين تلوح من بعيد طنجا عند التقاء المحيط بالمتوسط تشعر بسطوة الحنين، لكل مدينة مزاج وحكاية وصورة خاصة بها تكتمل بذاتها وتتكامل مع المدن المتباعدة، في الطريق إلى الدار البيضاء تتداخل الصور والأسئلة يبدو أن الأمر يتطلّب إقامة تطول كي تكتمل ملامح المشهد نسبياً، فهبوب الحمام في ساحة من ساحات الدار البيضاء ربما يذكر بحكاية الزاجل من بين بغداد وقرطبة في سالف العصور، أما الرحلة الآن ليست لغاية التاريخ فهي زيارة بيت مغربي قائم في ضاحية من ضواحي الدار البيضاء، وصاحب البيت كما يُروى مضيافٌ، يفتح غير الباب الذي يطرقه الزائر ليخلق منذ البداية شيئاً من الالتباس الممتع، ربما هذه حال المتهكمين حتى من أنفسهم أمام المرآة، يلبسون شخصيات وأقنعة بهدف إسعاد الآخرين ونقد أحوالهم في إعادة تأليف حياتهم وتشكيلها على منصة لغرض احتمالها أحياناً أو لدفعها إلى بعد أو امتداد آخر، ولغرض انتقادها أيضاً والتدليل على ما يسبب الشقاء فيها.[لقطة من إحدى مسرحياته]"الطيب الصديقي: الكلمة مفتاح الجنة، وقضاء الله هو الكلمات، الكلمة نور وبعض الكلمات قبور، الكلمة لو تُعرف حرمة، بعض الكلمات قلاع شامخة يعتصم بها النبل البشري، ليس ما كان سوى كلمة أضاءت دنياه بالكلمات وعلّمها للصيادين فسيرويها دون العالم، الكلمة حصن الحرية، الكلمة زلزلة الظلام، الكلمة شرف، شرف الرجل هو الكلمة، وشرف الله هو الكلمة".
فرقة مسرح عربية تمثل التمزق العربي
الطيب الصديقي: هو في الحقيقة من تقريباً عشرين سنة قمت بالتجربة مع الأخت نضال الأشقر - وأحييك يا نضال إذا كنت بتشوفي البرنامج - مع نضال الأشقر يعني كمجانين، يعني اخترنا أن نؤسس فرقة أسميناها "الممثلون العرب" فطلبنا من بعض الممثلين من دول عربية تقريباً كلها، يعني كانت فكرة من أجمل الأفكار ولكن كيف يمكن أن نطبق هذه الفكرة على عالم عربي ممزق؟ اتضح أن هذه الفرقة عالم صغير يمثل هذا العالم الكبير الشاسع اللي هو العالم العربي، فالمشكلة عندنا اللي كان المشكل أن السوريين مستحيل يمثلوا في العراق، والعكس بالعكس صعب العراقيين يمثلوا في سوريا، فطبعاً اتضح لنا أننا نعاني داخل الفرقة ما يعانيه العالم العربي، والحمد لله كيف ما كان الأمر ولو أن التجربة ما دامت إلا سنة ولكن أعطت الكثير، وآخر عرض عملناه في الألبيرتون وهو أكبر مسرح في أوروبا في لندن وكان لفائدة اليتامى الأطفال وقتها ضحية الحرب في لبنان.أحمد علي الزين: خلال عملك على هذا المشروع تحديداً واجهت مشكلة مع بعض الممثلين العراقيين نتيجة عدم تمكنهم من مزاولة التمارين معك بشكل دائم لأنه بدهن إذن من القيادة لو تروي لنا أول شي الحادثة.الطيب الصديقي: كان العراقيون..أحمد علي الزين: ويوميتها التقيت بصدام حسين..الطيب الصديقي: أيوة هذا كنا بالعراق مثّلنا أكثر من خمسين عرضاً خصوصاً في الموصل، لما كنا في العراق عدي ابن صدام حسين أخذني على أبوه، قلت له: يا سيدي الرئيس الله يخليك هذا الأستاذ قاسم محمد ممثل عراقي ومخرج الآن بالإمارات [يلوح بيده مسلماً عليه إن كان يرى البرنامج] وكذلك سامي قفطان الممثل الكبير المعروف المشهور العزيز سامي قفطان وقاسم محمد يعني لما نحتاجهم يوصلوا علينا لتونس ولاّ لندن ولاّ للمغرب يعني صعب جداً يجب أن يوقّع كما قلت لك صدام حسين، لكن كانت الحرب مع إيران فالرئيس أربعة أيام بالأسبوع دائماً بالفاو، الفاو منطقة..أحمد علي الزين: على الحدود.الطيب الصديقي: على حدود إيران بلاد فارس والعراق، فننتظر أن يوقع لنا الرئيس، فقلت له: يا سيدي الرئيس الله يخليك عندي ليك طلب، قال لي: أي طلب؟ قلت له: الله يخليك هذول ممثلين عراقيين يلزمهم دائماً تصريح أعطيهم رخصة ستة شهور سنة، قال لي: ممنوع، قلت له: كيف ممنوع؟ قال لي: عندنا قانون، شو هو القانون سيدي الرئيس؟ قال لي: القانون يقول ممنوع تصدير الأدمغة للخارج!!أحمد علي الزين: [يضحك]الطيب الصديقي: قلت له: سيدي الرئيس أكبر دليل على أن هؤلاء الناس هؤلاء الممثلين العراقيين وحتى الممثلين العرب كلهم لا يتوفّرون على دماغ, قلت له: أكبر دليل لا يتوفر على دماغ، من اختار المسرح هل عنده دماغ هذا؟ فضحك, قلت له: أنا كمان أنا كذلك..أحمد علي الزين: لو كان عندي..الطيب الصديقي: لو كان عندي دماغ قلت له: أنا أعمل مسرح؟ عيب.أحمد علي الزين [ضحك]: نعم, نعم على كل حال هوّ ما صدّر الأدمغة للخارج هو هجّرها!! الطيب الصديقي: يمكن, هجّرها لإنقاذها.[لقطة من مسرحية للطيب الصديقي]امرأة منقبة: كيف تستأذن علي وقد قتلت ولدي وهو في حرمة مكة المكرمة؟الحجاج بن يوسف الثقفي: لقد قتلته كافراً ملحداً.المرأة: كذبت يا عدو الله وعدو المسلمين، والله قد قتلت صوّاماً قوّاماً باراً بوالديه حافظاً لهذا الدين، ولأن أفسدت عليه دنياه لقد أفسد عليك آخرتك.الحجاج بن يوسف الثقفي [صارخاً]: لما أخطأ آدم أخرجه الله من الجنة، وآدم أكرم من ابنك والجنة.. الجنة أعظم حرمة من مكة.الخلفية الصوتية: اللهم ظلمت نفسي فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت.[فاصل إعلاني][لقطة من مسرحية للطيب الصديقي]الحجاج بن يوسف الثقفي: أنت أعرف الناس، كيف ترى قبتي هذه؟غضبان: أصلح الله الأمير.الحجاج بن يوسف الثقفي: وبناءها؟غضبان: أصلح الله الحجاج بن يوسف الثقفي، بنيتها في غير بلدك، لا لك ولا لولدك، لا تدوم لك ولا يسكنها ولدك.الحجاج بن يوسف الثقفي: صدقت.غضبان: لا تبقى لك وما أنت لها بباقٍ.الحجاج بن يوسف الثقفي: صدقت يا غضبان صدقت، أرجعوه إلى الحبس. غضبان: سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين.الحجاج بن يوسف الثقفي: أنزلوه.غضبان: رب أنزلني منزلاً مباركاً وأنت خير المنزلين.الحجاج بن يوسف الثقفي: جرّوه.غضبان: بسم الله مجراها ومرساها.الحجاج بن يوسف الثقفي: كبّوه على الأرض.غضبان: منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة أخرى.
الحجاج بن يوسف الثقفي: اتركوه.. اتركوه..غضبان: هذا هو الحجاج بن يوسف الثقفي الذي يحكم العراق. الحجاج بن يوسف الثقفي: أمّا أنت يا غضبان لقد عفونا عنك، والله لقد هممت أن أقطع لسانك وألصقه على ظهرك..غضبان: يا حجاج إن كذّبناك أغضبناك، وإن صدّقناك أغضبنا الله.الحجاج بن يوسف الثقفي: عليك لعائن الله..غضبان: فغضب الأمير أهون علينا من غضب الله.الحجاج بن يوسف الثقفي[ساخراً]: عليك لعائن الله والتهلكة.. أحمد علي الزين: غزير مشهده ومصادره متنوّعة، كسول هكذا يسمي نفسه, ولكن هذا الكسول يبدو من أكثر المبدعين تنظيماً وانهماكاً بمهنته وشغوفاً بها, ليس من وقت لديه سوى للعمل, للبحث عن مصادر لمشهده وحكاياته, ترجم واقتبس عشرات الأعمال وألف العديد الآخر للمسرح وللتلفزيون وللسينما, مشحون برغبة الكشف عن جديد ليتواصل من خلاله مع جمهوره وبالتالي مع ذاته, يراكم التجارب والمشهد تلو الآخر, ويوثق لذلك لكأنه يرسم خطاً بيانياً لمسار حياته وتجربته ليصبح الزائر لبيته في موقع الزائر لما يشبه المتحف المتعدد الأجنحة, وزواره كُثُرٌ وغايتهم أرشيف الصديقي ذاكرة الصديقي الموثقة والشفوية وبالطبع حوارٌ بشؤون الحياة والثقافة والسياسة, وله في هذا الفضاء زاويته الخاصة وكرسيه وسيجاره، يتابع أحوال العالم على الشاشة ويتابع شعاب نص جديد، وعلى الطاولة أيضاً ما ينتظر المعالجة للأرشيف للكتابة للتأليف أفكار وأوراق وبجواره على الكنبة ابنته تضفي عليه نعمة الحياة وعباءة الأبوة, تشاغب بعمرها ويشاغب بنصه وبمشهده.
معمار المسرح أدى إلى التمثيل
الطيب الصديقي أنت متحدّر يعني من عائلة فقه ودين، الوالد أبو محمد سعيد الصديقي كان مفتي الديار الإسلامية وقاضي ومؤرخ, يعني كيف خرجت من تلك العباءة إلى المسرح؟الطيب الصديقي: والله بالصدفة, أنا كانت نيتي أن أكون مهندساً معمارياً وكنت بقسم البكالوريوس ما زال ما عنديش 16 سنة, فأيام الفرنسيين سنة قبل استقلال المغرب عملوا لنا Test يعني نوع من امتحان بس يشوفوا المؤهلات فوجدوا عندي أنا مؤهلات إني كون أشتغل بالبريد.أحمد علي الزين: بالبريد؟الطيب الصديقي: بالبريد, لما قلت لأبي: بريد؟ قال: لعنة الله عليهم, أعطاني سنة إجازة، قال لي: كيف ولدي أنا يكون ساعي البريد؟ بالآخر اتضح لي أنه يقال في المسرح أنك حامل الرسالة, فكيفما كان الأمر دخلت المسرح لأحمل رسالة كساعي البريد المهم قال لي: عندك إجازة سنة, أنا طلّعت في الجرائد وشفت بأنه فيه نوع من تدريب على الفنون الدرامية من خلال المواد التي كانت تُدرَس المعمار في المسرح، قلت أنا: بما أنني سأكون إن شاء الله مهندساً معمارياً نبتدئ بالمعمار في المسرح، فطلعت يعني بالصدفة فدخلت للتدريب مدة ستة أشهر اشتغلت هكذا على الديكور وأشياء من هالقبيل يعني كله بالصدفة.أحمد علي الزين: طيب، الطيّب الصديقي يعني هذا الخيار للمسرح يعني هل كنت تراهن من خلال هذا الخيار عبر المسرح على يعني تطوير حالة اجتماعية، تطوير الوعي الجماعي عند الناس يعني كان عندك هاجس سياسي معيّن اخترت..؟الطيب الصديقي: نعم، طبعاً كأي واحد أنا ابتديت المسرح كان عندي 16 سنة, فطبعاً في البداية في البداية كنت أولاً تلميذ جون فيلار في المسرح القومي الوطني الفرنسي "لتينبي", فأيام جيرار فيليب وأيام فيليب نواريه هذي كلهم أيام جان مورو هذول كلهم ممثلين معروفين عالميين عند جون فيلار، فقلت لك يا سيدي الكريم هذا جون فيلار أول من فتح المسرح للجمهور الطويل العريض المسرح الشعبي وهو يسمى مسرح شعبي، فهذه الفكرة خامرتني لما رجعت المغرب أسست داخل النقابة لأن أخي - الله يرحمه - الشاعر محمد سعيد الصديقي كان من مؤسسي هذه النقابة الاتحاد المغربي للشغل، فأسسنا المسرح العمالي, وكنا نعتقد بأن المسرح يجب أن يكون شعبياً ويجب أن يخاطب الناس ويجب أن..أحمد علي الزين: تحريضي..
الطيب الصديقي: إي في طبعاً ويجب أن يكون يعني فيه بعض الشعارات وأشياء من هالقبيل، شوية شوية ولو أنني كنت صغير السن بعد سنة أو سنتين فهمت بأنّي كنت بيد أناس يريدون أن يتلاعبوا بي، أن يسخروني، أن أقول أشياء على المسرح لا يستطيعون هم أن يقولوها لا في كتابة ولا في يعني مباشرة..أحمد علي الزين: يعني ناس أرادوا أن يستغلوا الطيب الصديقي لغايات أيديولوجية سياسية؟الطيب الصديقي: يسخروه.. يسخروه..أحمد علي الزين: اكتشفت هذا الشيء؟الطيب الصديقي: اكتشفته طبعاً.أحمد علي الزين: من هم هؤلاء الناس؟الطيب الصديقي: بعطيك الأسماء؟أحمد علي الزين: إذا بتحب.الطيب الصديقي: خليهم همّ عارفين أنفسهم.أحمد علي الزين: عارفين أنفسهم, الطيب الصديقي يعني طالما تقول أنت تردد القضية الفلسطينية هي قضية مقدسة تعيش في وجدانك..الطيب الصديقي: طبعاً.
شمعون بيريز في بيت الصديقي
أحمد علي الزين: ولكن هناك مفارقة حدثت معك بحياتك إنك استضفت في هذا البيت بيريز..الطيب الصديقي: شمعون بيريز.. أحمد علي الزين: شمعون بيريز شو كان الدافع؟ يعني شو الغاية من تلك الزيارة آنذاك؟ شو الدافع من هذا اللقاء اللي حدث؟الطيب الصديقي: هو يعني بحكم أن الفلسطينيين أنفسهم بيحاوروا الإسرائيليين يعني ليش أنا ما حاورش إسرائيلي؟ أنا لست متشدداً، أنا أعرف بأن الصهيوني عدو، أعرف بأن الإسرائيليين محتلين فلسطين، ولكن لا يمكن أن أساعد إذا ما حاورت الناس لدرجة أنني تعلمت العبري ليش ما نتعلمش العبري؟ فاهم يا سيدي، ثم أنا اكتشفت عرب 48، مسرح الكرمة المدير قاسم شعبان.. قاسم شعبان فاهم يا سيدي؟ فاشتغلت معهم إجو المغرب كانوا يجوا المغرب اشتغلت معهم أربع مسرحيات ونعمل لهم مسرح.. مسرحيات، إجا لي واحد مصري قال: يا سيد طيب كلنا نحترمك يعني ما بقاش احترام لكن التطبيع مع إسرائيل, قلت له: أولاً ما فيش تطبيع, أنا شخصياً لم أقم بإخراج في إسرائيل, لم أمثل في إسرائيل, لم.. ولا محاضرة في إسرائيل, قلت له: أنا أتعامل مع عرب 48 إجوا المغرب أعمل لهم إخراج ويروحون بلادهم، فهمت يا سيدي؟ ولا يمكن أن أتخلى عن هؤلاء الناس، إسرائيل تعتبر هؤلاء الناس من الدرجة الثانية، يتألمون ويعانون ما يعانون، كيف لا أكون أنا..؟ أحمد علي الزين: متعاطف مع..
مصر تصنع حصاراً على الثقافة العربية
الطيب الصديقي: معلوم متعاطف معهم؟ فقلت له: يا سيدي - هذا المصري - قلت له: الله يخليك أنا أطلب أولاً وقبل كل شيء التطبيع مع مصر، قلت له: إنتو في مصر في التلفزيون عمركم ما عملتوا فيلم مغاربي ولا مسرحية ولا شيء من هذا القبيل, أقولها للمصريين وللتلفزيون والمسؤولين عن التلفزيون في مصر: الحصار ضد الثقافة العربية هي مصر, وأتحمل مسؤولية ما أقوله، تفضل يا سيدي الكريم.أحمد علي الزين: هيدي الزيارة انتهت؟ الزيارة اليتيمة كانت ما كان فيها غاية معينة آنذاك زيارة بيريز لبيتك؟الطيب الصديقي: لا هوّ لما جاء جاء بدعوة من الحسن الثاني، فطلب أن يجي عندي بالبيت بما أننا تعرفنا في القدس جاء لي للبيت والسلام كأي ناس، ولكن لما دخل حكومة شارون قطعت العلاقات معه.أحمد علي الزين: نعم.الطيب الصديقي: طبعاً.