الشباب المغربي والاستلاب
٣٠ أيلول (سبتمبر) ٢٠٠٦بقلم محمد البوزيدي
[b
]يعيش الشباب المغربي حاليا فراغا مدويا متعدد الجوانب سياسيا واقتصاديا وثقافيا واجتماعيا.
ففي المجال السياسي نجد الشباب أصبح ينظر إليه كطاقة رقمية للانتخابات والاستغلال السياسي في هذا الإطار وعلى المستوى الاقتصادي فالعطالة أو البطالة المقنعة تكتسح أغلب الذين تجاوزوا سن الرشد القانوني مما جعل بعضهم يلتجئ لقوارب الموت سعيا لتسوية وضعية كئيبة غامضة ولو داخل إطار بلد آخر.
وعلى المستوى الثقافي فالفكر أصبح خارج اهتمامات أغلب الشباب لوضعية حملة الشواهد المعطلين و"الإصلاحات" الخطيرة التي يتعرض لها التعليم العالي التي تؤدي بالطالب الشاب إلى مغادرة مقعد الدراسة بعد وقت وجيز من ولوجه الكلية، ناهيك عن تراجع الدور التاطيري لوسائل الإعلام وللجمعيات والإطارات المختلفة.
أما اجتماعيا فحدث ولا حرج من عقدة الزواج والعنوسة المفروضة، إلى التيهان المختلف الأشكال وسط المجتمع ناهيك عن الإستيلاب الخطير الحاصل حاليا والذي يدعو فعلا لوقفة تأمل عميقة لمحاولة إنقاذ ما يمكن إنقاذه من الطاقات المستقبلية المفترض فيها النهوض بتنمية البلد وقيادته للغد بخطى ثابتة وآمنة دون السقوط في المطبات العديدة التي مازلنا نؤدي نتائجها الكارثية الآن.
ويمكن تعريف الشخص المستلب أنه ذلك الإنسان المفصول /المنفصل عن الواقع وعن المجتمع بل وعن حركية التاريخ التي لا تتوقف أبدا لأنه في كل الحالات التي نتحدث فيها عن استلاب فهناك شيء ما انفصل عن منتجه وخالقه وصار بالنسبة إليه شيئا غريبا.
هذا الاستلاب يجعل الشباب المغربي عاجزا عن تحقيق شخصيته فتراه ضحية لكل الإتجاهات المتعددة المذاهب والإيديولوجيات، مستسلما لإغراءاتها ولبريقها اللامع عاجزا عن تحقيق شخصيته فيصبح ضحية لكل الإغراءات المتعددة المذاهب والإيديولوجيات، مستسلما لإغواءاتها ولبريقها اللامع،عاجزا عن فرزها والتعامل معها برؤية نقدية. وبالتالي اختيار موقف وتوجه سليم يضمن له شخصية قوية متماسكة في النسيج الإجتماعي المغربي.
وإذا كانت صحة هذه المقولة أو خطأها يجب أن تنطلق من دراسة ميدانية تدرس وتحلل بشكل عميق وبإحصائيات مدققة وليس بتخمينات ونسب مئوية عشوائية ميولات وانشغالات الشباب المغربي بشكل عام، فإننا نستطيع الحديث عن مجموعة أنماط سلوكية تعبر عن اتجاه واختيار اجتماعي وثقافي معين، ممارسات استلابية انغرست وغزت شباب بلدنا بفعل الهجمة الإمبريالية بمختلف ترساناتها المعتمدة على أحدث الإبتكارات العلمية خاصة تقنية الصورة أو كما يسميها الأستاذ عبد الإلاه بلقزيز بثقافة مابعد المكتوب.. ثقافة قوامها الومضة والسرعة وأبدية اللحظة والإثارة والاستهلاك واقتناص الفرص واقتصاد الجهد في الحصول على النتائج والتظاهر والقوة والحصول على المال.
إنه غزو معنوي اخترق حتى بعض متعلمينا حتى لا نقول مثقفينا وبعض فناني-نا- ناهيك عن رياضيي-نا-.
وحتى لا نكون ميالين للتعويم والتعميم حيث قد تضيع الحقائق، سنحاول التطرق لبعض هذه المسلكيات التي يتجلى فيها جيدا الإستيلاب والتي أصبحت جزءا من الموضات المتعاقبة من مختلف الميادين (غناء رقص/ لباس…) والتي يكون مداها والتجاوب الحاصل معها في أوساط الشباب متفاوتا باختلاف السن والمدينة والاحتكاك المجتمعي العام ومن النماذج نذكر لا على سبيل الحصر ما يلي:
1+ قصات الشعر المختلفة والتي غالبا ما ترتبط بنجوم عالميين يتم تقليدهم –ببلادة- من المتمدرسين خاصة كحلاقة الصلع لرونالدو وحلاقة الشعر المشهورة بتايزن المنسوبة الملاكم المشهورمايك تايسون وقصات إطلاق الشعر إلى الوراء كما يفعل لاعبون عديدون كرونالدينو الذي زار حيفا مؤخرا للتضامن مع أطفالها ضد هجمات حزب الله…
2+ ارتداء ثياب رياضية بالشارع وبالمدرسة خاصة بنجوم عالميين مكتوب عليها اسمهم والرقم الذي يحملونه داخل فريقهم وعلى سبيل المثال زيدان وحجي…
3+ ارتداء ثياب مزركشة بأعلام بعض الدول كالولايات المتحدة والبرازيل وفرنسا، وفي مفارقة غريبة نادرا ما نجد أقمصة تحمل العلم الوطني.
4+ ارتداء ثياب مزركشة وبزات خاصة بشخصيات مشهورة في عالم السينما كمادونا أو كوادالوبي بل أصبحت هذه الأسماء أصلا تجاريا وشكلا مميزا لترويج هذه الملابس من الشركات المنتجة "العربية".
5+ وضع بعض الأقراص في الأذن كما يفعل مارا دونا وغيره أو سلاسل في العنق التي قد تحمل رموزا دينية لا ينتبه لها صاحبها كالصليب مثلا.
6+ شيوع مسلكيات وممارسات في الرياضة خاصة كرة القدم كتقليد اللاعبون الكبار في التعبير عن نشوة النصر برقصات غريبة عن المجتمع أو التزحلق على العشب أو وضع اللباس على الوجه بعد تسجيل الهدف….
ترى ما دلالات هذه الأنماط السلوكية –الإستيلابية المعبرة عن تماهي خطير مع مجموعة من الأشخاص صنعت منهم وسائل الإعلام نجوما بطريقة أو بأخرى في طريقة لباسهم أو شكل حلاقتهم ومظهر أناقتهم…؟
فهل يمكن اعتبار هذه الظواهر امتدادا لظواهر سابقة عاشها ومازال يعيشها المجتمع المغربي منذ الستينات (كالديسكو..البوب..البتلز…)؟؟؟؟
وألا يخفي هذا الإستيلاب المجتمعي رغبة وحماس الشباب في الجديد والقطع مع التقاليد التي قد تكبح انطلاقته وتقيد طاقاته؟
أليس الانفتاح الليبرالي هو ما يجعلنا منفتحين على كل أفعال التلقي وأصناف الإستهلاك في تضارب وتناقض لا تملك معها الذات قدرة ممارسة اختيار مما يقعد فيها الهشاشة والإنفعال والخواء والفردانية كثوابت مشكلة لها؟
أليس الواقع بكل خواءاته وفراغاته ومآسيه المتنامية هو مايحرك هذه الذوات في اتجاه تحقيق توازناتها ومعانقة فرحها المؤقت وممارسة طقسها الخاص قصد الإستمتاع بابتعادها وانفلاتها الظرفي من صدمات الرصيف وصفعات اليقظة فتجد في تلك المسلكيات ما يمكن أن يمنحها لذة العيش الذي لا يشبه إلا الموت في الحقيقة ومتعة الحضور الذي لا يشبه إلا الغياب في النهاية؟؟؟؟؟؟؟
قد تختلف الإجابات وتتنوع التحليلات المفسرة لذلك، لكن الأكيد إن شيوع الظواهر السالفة أتى كثمرة ونتيجة طبيعية للثقافة الإمبريالية التي اكتسحت المعمور وضمنها المغرب. فقد أصبح كما يؤكد عبد الإلاه بلقزيز *اكتساح الثقافي واحتكار الرموز والقيم هما أبرز ما يطبع النظام العالمي الراهن على مستوى إنتاج وتوزيع الثقافة. فلقد انتقل النظام الرأسمالي من طور تعميم الأنظمة الاقتصادية والعلاقات الإنتاجية الرأسمالية ومن طور تعميم الأنظمة الاقتصادية الليبرالية إلى طور تعميم القيم الثقافية للمجتمع الغربي بوصفه آلية من آليات إعادة إنتاج هيمنة النظام الرأسمالي على الصعيد العالمي.
كما لا يخفى أن الامبريالية أصبحت لا تمارس فقط العنف المادي والقهر المكثف على الشعوب والذي يبدو للعيان تبعا لمصالحها الخاصة، بل امتد عنفها ليشمل الجانب المعنوي والرمزي لتأسيس ثقافة ذات بعد واحد ومن نمط استلابي وذلك بواسطة الثورة المعلوماتية المتسارعة الخطر من تلفزة وفيديو وانترنيت وأقمار اصطناعية….مما يترك انعكاسات واضحة تحدث بلبلة في قيم وسلوكات وعقلية المتلقي، وبذلك تدمر مباشرة أو غير مباشرة في أحيان عدة كل الوشائج والأواصر التي تربط هذا المتلقي بوطنه وثقافة مجتمعه.فيصبح الشخص المستلب - والمعتقل مسلكيا - رهين أزمة فراغ ومصيبة ضياع ولعنة لا انتماء.
لن نكون مغالين وقائلين بل ومتذرعين بالخصوصية أو سالكين مذهب النكوصية، لكن لن نقف منبهرين ومروجين ومستهلكين بنهم شديد على - جوع واقعي - ثقافات لم نساهم في إنتاجها.ولذلك يجب علينا التصدي للتقاليد الهجينة وفضلات ثقافات العم سام التي تخترق وتنخر كياننا الثقافي والاجتماعي لتحطم ما بقي من شخصيتنا وثقافتنا بعد أن تحطمنا سياسيا واقتصاديا وثقافيا وتقنيا..كما لن نكون ميالين، - وليس هناك ما يجبرنا على ذلك- لنطبق مقولة العلامة ابن خلدون المغلوب مجبول على تقليد الغالب في كل شيء.
لكن من المسؤول عن هذا الوضع الأليم؟؟؟ بل من استدعى هذه القيم السلوكية والخلقية والثقافية التي تدخل في تناقض مع عناصر ومقومات الثقافة العربية والمغربية، بل تطرد وتضفي عليها الإبتذال والتجاوز والتأخر….
أكيد أن الكل يتحمل المسؤولية بما في ذلك الشباب نفسه، لكن القسط الأعظم من المسؤولية يقع على كاهل الدولة والمجتمع المدني بمختلف تشكيلاته – وهو حاليا يعيش حالة شلل -الذين تركوا الإعلام الغربي ينفرد بمواطنيهم عامة وشبابهم خاصة.فلم يهتم الإعلام الرسمي أو برامج الجمعيات ومختلف الإطارات المتكاثرة كالفطر بهم أو بتقوية مناعتهم الثقافية والإجتماعية بل الأخطر أصبحت التلفزة وبرامج بعض الإطارات – كالمخيمات واللقاءات الشبابية - معبرا آمنا وممرا هادئا تمرر منه وتنفذ القيم والمسلكيات الغربية المتخلفة.فعلى سبيل المثال فالتلفزة مليئة بالأفلام الرديئة المستوى شكلا ومضمونا والتي "تتبرع" بها الدول الغربية في إطار ما يسمى بالتعاون أو بالوصلات الإشهارية التي تضخ أسماعنا وأبصارنا ليل نهار بثقافات الكوكاكولا والماكدونالد وغيرها…
فرسالة التلفزة كما أكد جاك بودريلار ليست هي الصور التي تنقل بل في الطرق الجديدة التي تفرضها العلاقات والإدراك وتحول البنيات التقليدية للأسرة والجماعة وأبعد من ذلك ففي حالة التلفزة ووسائل الإعلام العصرية فما يتم تلقيه واستيعابه واستهلاكه ليس هو عرض بقدر ماهو احتمال تلقي واستحباب جميع العروض.
كما يجب التذكير بالدور السلبي وبتدرج للجمعيات الثقافية والمنظمات النقابية والشبابية والأحزاب السياسية التي لم تهتم بالقضايا الأساسية والهموم الحالية للشباب المغربي، مما جعل اهتمامها به يبقى ظرفيا ومرتبطا بأهداف سياسية وانتخابية.وهذا ما أدى لتفور الشباب منها وهذا طبيعي جدا لكونه لم يجد ذاته في برامجها العملية، وذلك راجع لخطابها السياسي الغامض ولتعميماتها الإيديولوجية وتعاملاتها البراغماتية مع شباب اليوم رجال الغد.
وعلى الرغم من كثرة مجالس الشباب الرسمية وغير الرسمية فما زال الشباب المغربي يبحث عن نفسه وذاته مما يفسر جليا ركوبه لكل التموجات والموضات المختلفة الأشكال والمتعددة التي تطفو على السطح من حين لآخر.[/b]
فالشباب مادة خام لازال لم يدقق مشروع ذاته كأشخاص…وإذا كانت عملية الإنتقال من الفرد إلى الشخص لا تتم إلا عبر الثقافي فإن سؤال الثقافة يطرح نفسه هنا وبإلحاح شديد فمالذي يجعل الثقافة هي الأخرى لا تأتي إلا كما تأتي الأمطار العاصفية بزفيرها؟تلك التي تنزع البذور من أتربتها تتلفها دون أن تخصب؟ ما الذي يجعل مقروأنا هامشيا لا يسهم في بناء الذوات التائهة.
بقي سؤال ختامي ما العمل؟؟؟؟؟؟؟
أكيد أن الرهان أكبر لإلغاء الإستيلاب فلتتظافر جهود الجميع لتحقيق هذا الهدف النبيل.لكن يجب أن ندرك جيدا أن النضال في سبيل إلغاء أشكال مختلفة من الإستلابات لا أعني أن الغد لن يحمل ويأتي باستيلابات جديدة كما وكيفا مما يعني أن العمل الدؤوب يجب أن يبقى متواصلا عبر الأجيال إلى ما لا نهاية.
ففي المجال السياسي نجد الشباب أصبح ينظر إليه كطاقة رقمية للانتخابات والاستغلال السياسي في هذا الإطار وعلى المستوى الاقتصادي فالعطالة أو البطالة المقنعة تكتسح أغلب الذين تجاوزوا سن الرشد القانوني مما جعل بعضهم يلتجئ لقوارب الموت سعيا لتسوية وضعية كئيبة غامضة ولو داخل إطار بلد آخر.
وعلى المستوى الثقافي فالفكر أصبح خارج اهتمامات أغلب الشباب لوضعية حملة الشواهد المعطلين و"الإصلاحات" الخطيرة التي يتعرض لها التعليم العالي التي تؤدي بالطالب الشاب إلى مغادرة مقعد الدراسة بعد وقت وجيز من ولوجه الكلية، ناهيك عن تراجع الدور التاطيري لوسائل الإعلام وللجمعيات والإطارات المختلفة.
أما اجتماعيا فحدث ولا حرج من عقدة الزواج والعنوسة المفروضة، إلى التيهان المختلف الأشكال وسط المجتمع ناهيك عن الإستيلاب الخطير الحاصل حاليا والذي يدعو فعلا لوقفة تأمل عميقة لمحاولة إنقاذ ما يمكن إنقاذه من الطاقات المستقبلية المفترض فيها النهوض بتنمية البلد وقيادته للغد بخطى ثابتة وآمنة دون السقوط في المطبات العديدة التي مازلنا نؤدي نتائجها الكارثية الآن.
ويمكن تعريف الشخص المستلب أنه ذلك الإنسان المفصول /المنفصل عن الواقع وعن المجتمع بل وعن حركية التاريخ التي لا تتوقف أبدا لأنه في كل الحالات التي نتحدث فيها عن استلاب فهناك شيء ما انفصل عن منتجه وخالقه وصار بالنسبة إليه شيئا غريبا.
هذا الاستلاب يجعل الشباب المغربي عاجزا عن تحقيق شخصيته فتراه ضحية لكل الإتجاهات المتعددة المذاهب والإيديولوجيات، مستسلما لإغراءاتها ولبريقها اللامع عاجزا عن تحقيق شخصيته فيصبح ضحية لكل الإغراءات المتعددة المذاهب والإيديولوجيات، مستسلما لإغواءاتها ولبريقها اللامع،عاجزا عن فرزها والتعامل معها برؤية نقدية. وبالتالي اختيار موقف وتوجه سليم يضمن له شخصية قوية متماسكة في النسيج الإجتماعي المغربي.
وإذا كانت صحة هذه المقولة أو خطأها يجب أن تنطلق من دراسة ميدانية تدرس وتحلل بشكل عميق وبإحصائيات مدققة وليس بتخمينات ونسب مئوية عشوائية ميولات وانشغالات الشباب المغربي بشكل عام، فإننا نستطيع الحديث عن مجموعة أنماط سلوكية تعبر عن اتجاه واختيار اجتماعي وثقافي معين، ممارسات استلابية انغرست وغزت شباب بلدنا بفعل الهجمة الإمبريالية بمختلف ترساناتها المعتمدة على أحدث الإبتكارات العلمية خاصة تقنية الصورة أو كما يسميها الأستاذ عبد الإلاه بلقزيز بثقافة مابعد المكتوب.. ثقافة قوامها الومضة والسرعة وأبدية اللحظة والإثارة والاستهلاك واقتناص الفرص واقتصاد الجهد في الحصول على النتائج والتظاهر والقوة والحصول على المال.
إنه غزو معنوي اخترق حتى بعض متعلمينا حتى لا نقول مثقفينا وبعض فناني-نا- ناهيك عن رياضيي-نا-.
وحتى لا نكون ميالين للتعويم والتعميم حيث قد تضيع الحقائق، سنحاول التطرق لبعض هذه المسلكيات التي يتجلى فيها جيدا الإستيلاب والتي أصبحت جزءا من الموضات المتعاقبة من مختلف الميادين (غناء رقص/ لباس…) والتي يكون مداها والتجاوب الحاصل معها في أوساط الشباب متفاوتا باختلاف السن والمدينة والاحتكاك المجتمعي العام ومن النماذج نذكر لا على سبيل الحصر ما يلي:
1+ قصات الشعر المختلفة والتي غالبا ما ترتبط بنجوم عالميين يتم تقليدهم –ببلادة- من المتمدرسين خاصة كحلاقة الصلع لرونالدو وحلاقة الشعر المشهورة بتايزن المنسوبة الملاكم المشهورمايك تايسون وقصات إطلاق الشعر إلى الوراء كما يفعل لاعبون عديدون كرونالدينو الذي زار حيفا مؤخرا للتضامن مع أطفالها ضد هجمات حزب الله…
2+ ارتداء ثياب رياضية بالشارع وبالمدرسة خاصة بنجوم عالميين مكتوب عليها اسمهم والرقم الذي يحملونه داخل فريقهم وعلى سبيل المثال زيدان وحجي…
3+ ارتداء ثياب مزركشة بأعلام بعض الدول كالولايات المتحدة والبرازيل وفرنسا، وفي مفارقة غريبة نادرا ما نجد أقمصة تحمل العلم الوطني.
4+ ارتداء ثياب مزركشة وبزات خاصة بشخصيات مشهورة في عالم السينما كمادونا أو كوادالوبي بل أصبحت هذه الأسماء أصلا تجاريا وشكلا مميزا لترويج هذه الملابس من الشركات المنتجة "العربية".
5+ وضع بعض الأقراص في الأذن كما يفعل مارا دونا وغيره أو سلاسل في العنق التي قد تحمل رموزا دينية لا ينتبه لها صاحبها كالصليب مثلا.
6+ شيوع مسلكيات وممارسات في الرياضة خاصة كرة القدم كتقليد اللاعبون الكبار في التعبير عن نشوة النصر برقصات غريبة عن المجتمع أو التزحلق على العشب أو وضع اللباس على الوجه بعد تسجيل الهدف….
ترى ما دلالات هذه الأنماط السلوكية –الإستيلابية المعبرة عن تماهي خطير مع مجموعة من الأشخاص صنعت منهم وسائل الإعلام نجوما بطريقة أو بأخرى في طريقة لباسهم أو شكل حلاقتهم ومظهر أناقتهم…؟
فهل يمكن اعتبار هذه الظواهر امتدادا لظواهر سابقة عاشها ومازال يعيشها المجتمع المغربي منذ الستينات (كالديسكو..البوب..البتلز…)؟؟؟؟
وألا يخفي هذا الإستيلاب المجتمعي رغبة وحماس الشباب في الجديد والقطع مع التقاليد التي قد تكبح انطلاقته وتقيد طاقاته؟
أليس الانفتاح الليبرالي هو ما يجعلنا منفتحين على كل أفعال التلقي وأصناف الإستهلاك في تضارب وتناقض لا تملك معها الذات قدرة ممارسة اختيار مما يقعد فيها الهشاشة والإنفعال والخواء والفردانية كثوابت مشكلة لها؟
أليس الواقع بكل خواءاته وفراغاته ومآسيه المتنامية هو مايحرك هذه الذوات في اتجاه تحقيق توازناتها ومعانقة فرحها المؤقت وممارسة طقسها الخاص قصد الإستمتاع بابتعادها وانفلاتها الظرفي من صدمات الرصيف وصفعات اليقظة فتجد في تلك المسلكيات ما يمكن أن يمنحها لذة العيش الذي لا يشبه إلا الموت في الحقيقة ومتعة الحضور الذي لا يشبه إلا الغياب في النهاية؟؟؟؟؟؟؟
قد تختلف الإجابات وتتنوع التحليلات المفسرة لذلك، لكن الأكيد إن شيوع الظواهر السالفة أتى كثمرة ونتيجة طبيعية للثقافة الإمبريالية التي اكتسحت المعمور وضمنها المغرب. فقد أصبح كما يؤكد عبد الإلاه بلقزيز *اكتساح الثقافي واحتكار الرموز والقيم هما أبرز ما يطبع النظام العالمي الراهن على مستوى إنتاج وتوزيع الثقافة. فلقد انتقل النظام الرأسمالي من طور تعميم الأنظمة الاقتصادية والعلاقات الإنتاجية الرأسمالية ومن طور تعميم الأنظمة الاقتصادية الليبرالية إلى طور تعميم القيم الثقافية للمجتمع الغربي بوصفه آلية من آليات إعادة إنتاج هيمنة النظام الرأسمالي على الصعيد العالمي.
كما لا يخفى أن الامبريالية أصبحت لا تمارس فقط العنف المادي والقهر المكثف على الشعوب والذي يبدو للعيان تبعا لمصالحها الخاصة، بل امتد عنفها ليشمل الجانب المعنوي والرمزي لتأسيس ثقافة ذات بعد واحد ومن نمط استلابي وذلك بواسطة الثورة المعلوماتية المتسارعة الخطر من تلفزة وفيديو وانترنيت وأقمار اصطناعية….مما يترك انعكاسات واضحة تحدث بلبلة في قيم وسلوكات وعقلية المتلقي، وبذلك تدمر مباشرة أو غير مباشرة في أحيان عدة كل الوشائج والأواصر التي تربط هذا المتلقي بوطنه وثقافة مجتمعه.فيصبح الشخص المستلب - والمعتقل مسلكيا - رهين أزمة فراغ ومصيبة ضياع ولعنة لا انتماء.
لن نكون مغالين وقائلين بل ومتذرعين بالخصوصية أو سالكين مذهب النكوصية، لكن لن نقف منبهرين ومروجين ومستهلكين بنهم شديد على - جوع واقعي - ثقافات لم نساهم في إنتاجها.ولذلك يجب علينا التصدي للتقاليد الهجينة وفضلات ثقافات العم سام التي تخترق وتنخر كياننا الثقافي والاجتماعي لتحطم ما بقي من شخصيتنا وثقافتنا بعد أن تحطمنا سياسيا واقتصاديا وثقافيا وتقنيا..كما لن نكون ميالين، - وليس هناك ما يجبرنا على ذلك- لنطبق مقولة العلامة ابن خلدون المغلوب مجبول على تقليد الغالب في كل شيء.
لكن من المسؤول عن هذا الوضع الأليم؟؟؟ بل من استدعى هذه القيم السلوكية والخلقية والثقافية التي تدخل في تناقض مع عناصر ومقومات الثقافة العربية والمغربية، بل تطرد وتضفي عليها الإبتذال والتجاوز والتأخر….
أكيد أن الكل يتحمل المسؤولية بما في ذلك الشباب نفسه، لكن القسط الأعظم من المسؤولية يقع على كاهل الدولة والمجتمع المدني بمختلف تشكيلاته – وهو حاليا يعيش حالة شلل -الذين تركوا الإعلام الغربي ينفرد بمواطنيهم عامة وشبابهم خاصة.فلم يهتم الإعلام الرسمي أو برامج الجمعيات ومختلف الإطارات المتكاثرة كالفطر بهم أو بتقوية مناعتهم الثقافية والإجتماعية بل الأخطر أصبحت التلفزة وبرامج بعض الإطارات – كالمخيمات واللقاءات الشبابية - معبرا آمنا وممرا هادئا تمرر منه وتنفذ القيم والمسلكيات الغربية المتخلفة.فعلى سبيل المثال فالتلفزة مليئة بالأفلام الرديئة المستوى شكلا ومضمونا والتي "تتبرع" بها الدول الغربية في إطار ما يسمى بالتعاون أو بالوصلات الإشهارية التي تضخ أسماعنا وأبصارنا ليل نهار بثقافات الكوكاكولا والماكدونالد وغيرها…
فرسالة التلفزة كما أكد جاك بودريلار ليست هي الصور التي تنقل بل في الطرق الجديدة التي تفرضها العلاقات والإدراك وتحول البنيات التقليدية للأسرة والجماعة وأبعد من ذلك ففي حالة التلفزة ووسائل الإعلام العصرية فما يتم تلقيه واستيعابه واستهلاكه ليس هو عرض بقدر ماهو احتمال تلقي واستحباب جميع العروض.
كما يجب التذكير بالدور السلبي وبتدرج للجمعيات الثقافية والمنظمات النقابية والشبابية والأحزاب السياسية التي لم تهتم بالقضايا الأساسية والهموم الحالية للشباب المغربي، مما جعل اهتمامها به يبقى ظرفيا ومرتبطا بأهداف سياسية وانتخابية.وهذا ما أدى لتفور الشباب منها وهذا طبيعي جدا لكونه لم يجد ذاته في برامجها العملية، وذلك راجع لخطابها السياسي الغامض ولتعميماتها الإيديولوجية وتعاملاتها البراغماتية مع شباب اليوم رجال الغد.
وعلى الرغم من كثرة مجالس الشباب الرسمية وغير الرسمية فما زال الشباب المغربي يبحث عن نفسه وذاته مما يفسر جليا ركوبه لكل التموجات والموضات المختلفة الأشكال والمتعددة التي تطفو على السطح من حين لآخر.[/b]
فالشباب مادة خام لازال لم يدقق مشروع ذاته كأشخاص…وإذا كانت عملية الإنتقال من الفرد إلى الشخص لا تتم إلا عبر الثقافي فإن سؤال الثقافة يطرح نفسه هنا وبإلحاح شديد فمالذي يجعل الثقافة هي الأخرى لا تأتي إلا كما تأتي الأمطار العاصفية بزفيرها؟تلك التي تنزع البذور من أتربتها تتلفها دون أن تخصب؟ ما الذي يجعل مقروأنا هامشيا لا يسهم في بناء الذوات التائهة.
بقي سؤال ختامي ما العمل؟؟؟؟؟؟؟
أكيد أن الرهان أكبر لإلغاء الإستيلاب فلتتظافر جهود الجميع لتحقيق هذا الهدف النبيل.لكن يجب أن ندرك جيدا أن النضال في سبيل إلغاء أشكال مختلفة من الإستلابات لا أعني أن الغد لن يحمل ويأتي باستيلابات جديدة كما وكيفا مما يعني أن العمل الدؤوب يجب أن يبقى متواصلا عبر الأجيال إلى ما لا نهاية.